كشف مصدر مطلع في وزارة الخارجية العراقية لـ"السياسة", أمس, ان دوائر رفيعة في الحكومة الاردنية بحثت مع مقربين من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الايام القليلة الماضية ملف التطورات الميدانية في سورية وانعكاسات معركة دمشق الكبرى التي بدأت ملامحها الاولى تظهر من خلال انتقال المواجهات المسلحة الى محيط مطار دمشق الدولي وسط مخاوف اردنية جدية من قيام قوات النظام السوري بردود افعال عسكرية ضد المملكة عندما يبدأ نظام بشار الاسد بالانهيار.
وقال المصدر الديبلوماسي العراقي ان الحكومة الاردنية لا تريد ان تكون هدفاً لانتقام قوات الاسد اذا ساءت اوضاع هذه القوات بشكل خطير وبات النظام قريباً من حافة السقوط ولذلك فهي تعتقد ان السلطات العراقية التي تربطها صلات قوية مع النظامين السوري والايراني يمكنها ان تلعب دوراً مهماً لتجنيب الاردن المخاطر الامنية المترتبة عن سقوط الاسد, مضيفاً ان القنوات القريبة من العاهل الاردني عبد الله الثاني تشعر بقلق كبير لأنه ليس لدى الجيش الاردني منظومة صواريخ باتريوت والتي تستطيع من خلالها ان يتصدى لهجمات صاروخية محتملة من قوات الاسد في ظل معلومات وصلت الى الاستخبارات الاردنية مفادها ان الاسد أمر بتوجيه مئات الصواريخ السورية من طراز ارض - ارض باتجاه الاردن وان هذه الصواريخ ستكون جاهزة للاطلاق فور اقتحام "الجيش السوري الحر" لدمشق بأعداد كبيرة.
وتطرقت المباحثات العراقية الاردنية الى رزمة من الملفات السياسية اللافتة منها ان لا يعترف الاردن بالائتلاف السوري المعارض وان لا يسمح لأي قوات اجنبية بالتدخل في سورية انطلاقاً من الاراضي الاردنية وان يكافح عمليات تهريب السلاح من الاردن الى "الجيش السوري الحر".
واشار المصدر العراقي الى ان القيادة السورية سلمت القيادة العراقية معلومات تفيد أن عملية تدخل القوات الغربية للوصول الى مواقع السلاح الكيمياوي التي بحوزة النظام السوري ستتم من الاراضي الاردنية وان هدف التدخل سيكون السيطرة على هذه المواقع وحرمان قوات الاسد منها وليس حمايتها من سيطرة التنظيمات المتطرفة كما يشاع وان القرار الغربي الذي اتخذ في هذا السياق هو شن العملية من الأردن لقربها الجغرافي من المواقع الكيماوية السورية خلافاً للاراضي التركية التي تبدو بعيدة عن دمشق حيث توجد فيها اهم مخازن السلاح الكيمياوي, مشدداً على ان النشاط العسكري الغربي المعلن لنصب الباتريوت على الحدود التركية السورية هو مجرد عملية تمويه لشد انظار قوات الاسد غير ان العملية الاساسية ستتم من الاردن بحسب رؤية النظامين السوري و الايراني وربما يكون الغرب نصب باتريوت بشكل سري داخل الاراضي الاردنية استعداداً لعملية تأمين السلاح الكيمياوي في سورية.
ولفت المصدر العراقي الى ان القيادة الاردنية حريصة وتؤيد شن عملية عسكرية من الاردن لتأمين المواقع الكيمياوية السورية بسرعة, بسبب معلوماتها بأن نظام الاسد يعد العدة لتوجيه ضربات عسكرية صاروخية الى مواقع عسكرية اردنية مهمة, كما ان السلطات في الاردن تتخوف من احتمال توجيه ضربات كيمياوية ضد مدينة درعا على الحدود الاردنية والتي انطلقت منها الشرارة الاولى للثورة السورية.
ويريد النظام السوري من تهديد أمن الاردن حسب المصدر الديبلوماسي العراقي الضغط على الحكومة الاردنية للقيام بعملين رئيسيين: الاول يتمثل بإقناع الدول الغربية ودول الخليج العربي بالحل السياسي مع النظام السوري وتأخير معركة دمشق, والثاني يتعلق باستئناف وتعزيز التعاون الامني والاستخباراتي بين الاردن وسورية لمحاربة التنظيمات المسلحة السلفية والتي تقود الحملة العسكرية الاوسع ضد قوات نظام الاسد, "وفقاً لقناعة هذا النظام".
ورأى المصدر العراقي ان دوائر وثيقة الصلة بالعاهل الاردني لديها قناعات بأن المحور السوري الايراني في المنطقة يحضر عملاً عدائياً ضد الاردن وان توقيت تنفيذ هذا العمل سيكون مع المراحل الاولى لمعركة دمشق الكبرى التي ستؤدي الى هروب او قتل الاسد, مشيراً الى ان التقارير التي تصل القيادة الايرانية تؤكد ان الاجهزة الاستخباراتية الاردنية تقدم الدعم اللوجستي لعمليات مكافحة النفوذ الايراني في مملكة البحرين واليمن وبعض دول الخليج العربي وبالتالي يريد النظام الايراني اسوةً بحليفه السوري النيل من الاردن.
وقال المصدر ان تصريحات الأمين العام ل¯"حزب الله" في لبنان حسن نصر الله قبل نحو اسبوعين والتي هدد فيها بإطلاق مئات الصواريخ من الحدود مع اسرائيل بما فيها الحدود الاردنية اثارت قلق الدوائر الاردنية التي فهمت مضمون الرسالة بأنه ذي صلة بالوضع السوري لأن ليس لعناصر "حزب الله" اي تواجد داخل الاردن, موضحاً ان الدوائر الاستخباراتية الاردنية متخوفة من ان يقوم النظام السوري عندما تتصاعد معركة دمشق الكبرى بمغامرة عسكرية داخل الاراضي الاردنية تسمح لمقاتلي الحزب اللبناني المهيئين لهذه المهمة بالتسلل الى الحدود الاردنية الاسرائيلية وبالتالي اشعال الجبهة الاردنية على اكثر من مسار ومستوى.