يترقب الأردنيون بشغف ما ستسفر عنه مشاورات رئيس الوزراء المكلف عبدلله النسور بخصوص الطاقم الوزاري الجديد وسط ظروف معقدة قوامها تواصل الجدل حول ما نشرته الأسبوع الماضي مجلة أتلانتك الأمريكية مع إرتفاع حاد في سقف النقد خصوصا بين نشطاء العشائر.
بالتزامن برزت محاولات للدفاع عن التشخيص الواقعي لأزمة الداخل الذي تقدم به الملك عبد الله الثاني شخصيا على هامش مصارحاته التي نشرتها مجلة أتلانتك الأمريكية وأثارت موجة من إعتراض أبناء العشائر ونتج عنها صدور بيانات بأسقف غير معهودة في الماضي.
وقد أصدرت في هذا السياق جبهة العشائر للأنقاذ وهي إطار يضم ثلاثين نشطا عشائريا بيانا شديد اللهجة في إنتقاد النظام بعد واقعة مجلة أتلانتك فيما وجه الناشط العشائري البارز محمد خلف الحديد رسالة حادة جدا إطلعت عليها 'القدس العربي' وتضمنت الإشارة لشعور الشعب الأردني بالذهول وإنتقاد وصف أبناء العشائر بالديناصورات.
في السياق وحده السياسي المخضرم عبد الهادي المجالي إتخذ موقفا هادئا وهو يحذر في تصريح له الأردنيين من 'مؤامرة' تحاك ضدهم وتشارك بها أذرع إعلامية أجنبية وأمريكية.
المجالي قال ذلك رغم أن تقارير أتلانتك تربط بينه شخصيا وبين مفردة الديناصور السياسي وهو موقف أشاد به علنا المحلل والناشط السياسي الدكتور جمال الخطيب الذي وجه التحية لموقف المجالي الإيجابي المسؤول موضحا في مقال له نشرته إلكترونية عمون بأن مفردة الديناصور سياسية بإمتياز وتستخدم في الإعلام الغربي دوما في وصف الحرس القديم.
الخطيب إعتبر في ردة فعله بأن الملك هو القائد الأعلى ويستطيع توجيه الإنتقاد لأي من مؤسسات الدولة وأجهزتها.
ويتوقع كثيرون أن ينتهي الجدل في مسألة ملف مجلة أتلانتك بوجبة تغييرات ينبغي أن تطال شخصيات بارزة في مؤسسة القصر والديوان الملكي خصوصا بعد الإخفاق الواضح في إحتواء التجادل وظهور هتافات ولافتات وبيانات تخترق كل الأسقف المعتادة في السياق.
في غضون ذلك بدأ الرئيس عبدلله النسور مشاورات الجولة الثانية مع كتل البرلمان ولم يرشح ما يفيد بأن الرجل إستقر فعلا على طاقم وزاري محدد وسط إتجاهات غامضة من أعضاء البرلمان بخصوص منح حكومة النسور الثقة، الأمر الذي تطلب عمليا جولة ثانية من المشاورات بعد تأخر إعلان تشكيلة الحكومة لأكثر من عشرة أيام.
ويبدو أن العديد من الشخصيات المخضرمة في الإطار البيروقراطي لا تتحمس للإنضمام إلى الحكومة الجديدة فقد نقلت مصادر عن وزير التخطيط والتعاون الدولي العابر لأخر خمس حكومات جعفر حسان أنه إعتذر عن الإنضمام لوزارة النسور وهو موقف سيتخذه على الأرجح وزراء آخرون بينهم وزير الطاقة علاء بطاينة.
ولم يعرف بعد ما إذا كان النسور سيعمل على تغير في وزارة سيادية من وزن وزارة الخارجية التي يتولاها منذ سنوات المخضرم ناصر جوده.
لكن شخصيات بارزة في مؤسسة الحكم بينها رئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز بدأت تحمل ناصر جوده ومدير مكتب الملك الدكتورعماد فاخوري مسؤولية سلسلة الأخطاء التي أدت لإندلاع نقاش عاصف في البلاد بعد المقابلة الشهيرة في مجلة أتلانتك حيث فرضت هذه المقابلة إيقاعها عمليا على الكثير من المجريات.
والتلاوم بين أركان الحكم والنظام وصل لمناطق عميقة وفقا لمصدر مطلع جدا تحدث لـ'القدس العربي'.
وزير الداخلية والرجل الثاني في حكومة النسور الدكتور عوض خليفات هو الآخر لا يرغب بالعودة لمؤسسة الحكومة خصوصا بعدما فهمت 'القدس العربي' منه مباشرة بأنه راغب في الإنسحاب ولا يرغب في موقع الرجل الثاني في أي حكومة بعد الآن.
غياب خليفات عن موقع الرجل الثاني يرشح شخصية إقتصادية للجلوس في موقع نائب رئيس الوزراء والترشيحات تتحدث عن شخصيات محددة من بينها الدكتور جواد العناني المبتعد عن الأضواء منذ سنوات طويلة أو الدكتور محمد الحلايقة.
نقابة المهندسين وهي النقابة الأبرز والأهم في البلاد طلبت من الحكومة علنا عدم تعيين وزير البلديات الأخير ماهر أبو السمن في الحكومة الجديدة ووجهت رسالة علنية للنسور بهذا الخصوص مما يساعد في توقعات تتحدث عن إحتمالية ترشيح الأمين العام لحزب الوسط المهندس مروان الفاعوري وزيرا للبلديات في الحكومة الجديدة لضمان تأييد كتلة الحزب في معركة الثقة البرلمانية.
وزير الصحة الحالي عبد اللطيف وريكات يبدو مرشحا للعودة لكن المطبخ السياسي لمجلس الوزراء المقبل سيفتقد لأي ملامح محددة قبل إتضاح هوية وزير الداخلية الجديد فيما تتصدر الصالونات السياسية المشهد عندما يتعلق الأمر بترديد أسماء ترفض الإنضمام للوزارة أو تفضل الإنسحاب من المشهد.
بالسياق يتردد إسم المحامي والوزير الأسبق كمال ناصر والفريق الإقتصادي للحكومة من المرجح أن يعود إلى الوصفات الكلاسيكية عبر رموز تعزيز القطاع العام فيما يبدو أن الإشكالات التي يثيرها وزير المالية الحالي سليمان الحافظ قد تمنعه من العودة إلا إذا ضمن له حماسه الكبير لوصفات صندوق النقد الدولي الإحتفاظ بحقيبته الوزارية.