فجوة التوقعات واثرها على مهنة المراجعة
أولاً: مفهوم فجوة التوقعات:
توصلت اللجنة التي شكلها المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين والمعروفة باسم لجنة كوهين إلى وجود فجوة توقعات في المراجعة، وأن سبب هذه الفجوة أن المستخدمين لتقارير مراقب الحسابات يتوقعون من مراقبي الحسابات أن يتغلغلوا داخل أنشطة وعمليات المنشأة، وأن يعدو تقارير عن أداء الإدارة، وأن يكتشفوا العمليات غير القانونية والاختلاسات وعدم تلبية مراقبي الحسابات لتوقعات المستخدمين في تلك الأوجه أدى إلى ظهور فجوة التوقعات (AICPA, 1978) كما يعرف (Lee, 1994)
فجوة التوقعات بأنها التباين بين ما هو متوقع أن يحققه مراقبي الحسابات وبين الأداء الفعلي لهم، حيث ترتبط تلك الفجوة بالأداء الفعلي للأعمال، وإخفاق مراقبي الحسابات في أداء عملهم بالشكل المطلوب. كما عرفها باحثان آخران (Chandler & Edwards, 1996) بأنها تعني الفارق الجوهري بين ما يتوقعه المجتمع من عملية المراجعة وما تقدمه مهنة المراجعة فعلاً للمجتمع.
مما سبق يتضح أن فجوة التوقعات تشير عموماً إلى الاختلاف فيما بين ما يقوم به أو ما يمكن أن يقوم به مراقبي الحسابات وبين ما ينبغي أو ما يتوقع أن يقوم به مراقبي الحسابات على أساس توقعات المجتمع المطلوبة منهم.
وتتكون فجوة توقعات المراجعة من فجوات عديدة مختلفة بين مراقبي الحسابات وبين كل واحد من المجموعات المستخدمة الأخرى أو بينهم وبين الجمهور العام. إن كل من المجموعات المستخدمة والجمهور غالباً ما يشار إليها بتعبير أصحاب الشأن والمصلحة في الشركة.
ويرى (لطفي، 2003) أنه بخلاف الأطراف أصحاب المصلحة الذين يهتمون بنتائج الأعمال والموقف المالي للشركات الفردية، فإن هناك أطراف يمثلون الزعماء والأطراف ذات الضغط الذين يتعين أخذهم في الاعتبار عندما يتم دراسة فعالية وظيفة المراجعة وفجوة توقعات المراجعة على النحو التالي:
أ ) السياسيون: قد يكون لديهم مصلحة حقيقية من وراء أداء مراقبي الحسابات، لذلك إذا ما كان هناك غش جوهري في مجتمع في طور البناء، ولم يتم اكتشاف ذلك الغش عن طريق مراقب الحسابات، فإن الجمهور العام قد يلوم ويعاتب السياسيين عن عدم ضمانهم وتأكيدهم على أن عملية المراجعة كانت فعالة. قد يتزايد نطاق عملية المراجعة كأستجابة لمثل ذلك الضغط من الجمهور العام، وقد يحتمل بالطبع أن يكون له أثر على التوقعات من عملية المراجعة.
ب) المنظمين: وهم القائمين على مصلحة الشركات أو هيئة سوق المال أو الجهات المتعددة المحددة عن طريق قانون الشركات أو قانون رأس المال أو مجلس ممارسات المراجعة ومجلس التقارير المالية بالإضافة إلى مجلس المعايير المحاسبية. ومن الأهمية بمكان القول بأن عملية التنظيم قد غيرت العلاقات عن طريق فرض واجبات ومسئوليات على البعض وإعطاء حقوق للبعض الآخر مما قد يكون له أثر على التوقعات من عملية المراجعة.
جـ) الأكاديميين: يأخذ الأكاديميون في السنوات الحديثة مزيد من الأهمية لتفعيل عملية المراجعة، وقد يكون هناك جدال حول وجود تأثير لبعض الأكاديميين على ما الذي يعتقده الجمهور العام بخصوص التنظيمات المهنية ومراقبي الحسابات، وربما للمدى الذي معه يغيرون من نطاق اتجاهات تلك الجهات ومراقبي الحسابات.
ويميل الباحث إلى تبني تعريف (P0rter, 1993) لفجوة التوقعات في المراجعة بأنها الفرق بين ما يقوم به أو ما يمكن أن يقوم به مراقبي الحسابات، وبين ما ينبغي أو ما يتوقع أن يقوم به مراقبي الحسابات على أساس توقعات المجتمع المطلوبة منهم، وقد حددت هذه الدراسة مكونات فجوة التوقعات في المراجعة بالتالي:
1 - فجوة المعقولية: وتنشأ نتيجة التباين بين ما يتوقع المجتمع (المستفيدين من خدمات المراجعة) من مراقبي الحسابات إنجازه، وبين ما يستطيع مراقب الحسابات إنجازه بصورة معقولة.
2 - فجوة الآداء: وتنشأ نتيجة التباين في التوقعات المعقولة من جانب المجتمع (المستفيدين) لما يجب أن يقوم به مراقب الحسابات وبين الأداء الفعلي لمراقب الحسابات. وتنقسم إلى:
أ ) الفجوة بين المهام التي يمكن توقعها بصورة معقولة من مراقبي الحسابات والمهام المطلوبة من مراقبي الحسابات من خلال المعايير والإصدارات المهنية ويطلق عليها نقص المعايير.
ب) الفجوة بين المعايير المتوقعة للآداء للمهام الحالية لمراقبي الحسابات والآداء الفعلي لهم ويطلق عليها عدم كفاية أو قصور الأداء.
ويرى الباحث أن التحديد السابق لمكونات فجوة توقعات المراجعة، كان محدوداً في نطاقه، فلم يدرس كافة عناصر فجوة توقعات المراجعة. على سبيل المثال فالاستقلال والحياد لم يتم عرضه بالرغم من أنه يعتبر أحد الجوانب الهامة للفجوة، كما لم يتم تحديد جوانب الضغوط كأحد الأسباب الممكنة لحدوث تلك الفجوة. وقد حددت دراسة (لطفي، 2003) سببين محتملين لتلك الفجوة هما:
أ ) نقص الكفاية المهنية والتي تتضمن نقص العناية، نقص المعرفة، نقص الخبرة.
ب) نقص استقلال مراقب الحسابات عندما يؤثر أصحاب المصلحة ذو النفوذ القوي على كفاية واستقلال مراقب الحسابات عن طريق فرض متطلبات محددة فعلى سبيل المثال يفشل مراقب الحسابات في التقرير الذي يعده عن شكه بخصوص استمرارية المنشأة في مزاولة نشاطها.
ثانياً : الدراسات السابقة:
وتشير الدراسات إلى تزايد الاهتمام حول واجبات مراقب الحسابات فيما يتعلق بالعديد من القضايا التي تهم الأطراف المختلفة المستفيدة من خدماته، ونظراً لأهمية تقرير مراقب الحسابات والدور المنوط به، فقد أهتمت بعض هذه الدراسات بالتعرف على دور تقارير المراجعة في تحسين عملية الاتصال بين مراقبي الحسابات ومستخدمي القوائم المالية، بينما اهتم البعض الآخر بالتعرف على توقعات المستفيدين من خدمات المراجعة بخصوص مسئوليات مراقبي الحسابات ومحاولة تحقيقها.
ففي دراسة عن صياغة تقرير المراجعة والمصطلحات التي يستخدمها مراقب الحسابات للتعبير عن رأيه حدد (Holt and Maizer, 1999) بعض العوامل المرتبطة بالمعاني الخاصةبكل من مصطلحي الصدق والعدالة. فبالنسبة للعدالة يقصد بها اتفاق القوائم المالية مع الأعراف والمبادئ المحاسبية المقبولة متضمناً الإفصاح المناسب والكافي عن البيانات المالية والسياسات المحاسبية المطبقة، كذلك اتفاقها مع متطلبات العقد الابتدائي والنظام الأساسي واللوائح المعمول بها بالمنشأة، وكافة متطلبات القوانين المنظمة لأعمال المنشأة. أما بالنسبة للصدق فيقصد به أن تكون القوائم المالية ذات مصداقية بحيث لا تحتوي على تحريف أو تشويه متعمد للبيانات التي تتضمنها، كما أنها خالية من أي حذف أو إغفال لبيانات تكون لها أهميتها في التعبير عن المركز المالي الحقيقي أو نتائج أعمال المنشأة. وفي إطار الدراسات التي قامت باستطلاع آراء الفئات المهتمة بتقرير مراقب الحسابات فقد أجرى كل من (Epstein and Gliger, 1994) دراسة لاستطلاع وجهة نظر المستثمرين في التأكيدات الواردة بتقرير مراقب الحسابات، واستخلصا وجود فجوة كبيرة بخصوص تلك التأكيدات. فبينما يشير 51% من المستثمرين الذين تم استقصاء آراءهم إلى اكتفائهم بالتأكيد المعقول من جانب مراقب الحسابات على عدالة القوائم المالية، أشار نحو 47% إلى حاجاتهم إلى تأكيد مطلق من جانب مراقب الحسابات بعدالة القوائم المالية وخلوها من الأخطاء المؤثرة. ولتخفيض هذه الفجوة أكد الباحثان على ضرورة إعادة النظر في دور مهنة المراجعة وطبيعة الرأي في تقرير مراقب الحسابات.
وفي نفس الاتجاه أستخلص (Gibson et al., 1998) ضرورة إيجاد أرضية مشتركة بين المراقب من جهة وعملاؤه ومستخدمي تقرير المراجعة من جهة أخرى، بخصوص تحديد أهداف وطبيعة عمليات المراجعة، ومسئوليات كل من الإدارة والمراقب، على أن يضمن في تقرير المراقب صراحة. كلما تم إجراء دراسة أخرى بهدف التعرف على توقعات المستفيدين من خدمات المراجعة فيما يتعلق بمسئوليات مراقبي الحسابات ومحاولة تحقيقها، حيث أوضحت دراسة (Gay et al., 1997) أن مستخدمي القوائم لديهم توقعات غير معقولة بخصوص مسئوليات مراقبي الحسابات عن اكتشاف الغش والتصرفات غير القانونية. وقد خلصت الدراسة إلى ضرورة توعيتهم بمسئوليات مراقبي الحسابات وحدود عملية المراجعة، ودرجة التأكد الذي يمكنهم توقعه بمعقولية من مراجعة القوائم المالية.
وفي دراسة أخرى قام بها (Sweeney, 1997) لتوقعات مستخدمي القوائم المالية الخاصة بمدى مساهمة مراقب الحسابات في جودة المعلومات التي تحتويها القوائم المالية، توصل الباحث إلى أن هذه التوقعات تكون غالباً مختلفة مع توقعات مراقبي الحسابات، وخلصت الدراسة إلى وجود اختيارين لدى المهنة لمعالجة فجوة التوقعات:
- محاولة تعليم المجتمع مضمون وأهداف عملية المراجعة.
- تغيير طبيعة وظيفة المراجعة للوفاء بتوقعات مستخدمي القوائم المالية.
وقد أوضحت الدراسة أن الفشل في علاج فجوة التوقعات قد يؤدي إلى فرض نظم أو تدخلات على المهنة من خارجها.
كما تناولت دراسة (Humphrey et al., 1992) دراسة فجوة التوقعات في المملكة المتحدة، وذلك اعتماداً على استقصاء بريدي للوقوف على معتقدات وتصورات مستخدمي القوائم المالية حول الأمور المرتبطة بفجوة التوقعات. ولقد كان من أهم النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسة التأكيد على الوجود الفعلي لفجوة التوقعات في المملكة المتحدة، والوقوف على العديد من الأسباب التي تتعلق باختلاف وجهات النظر بين مراقبي الحسابات ومستخدمي القوائم المالية حول طبيعة المراجعة والمهام الحالية لمراقبي الحسابات والدور المرتقب منهم، كما قدمت الدراسة بعض المقترحات الخاصة بتضييق تلك الفجوة.
وفي نفس الأتجاه يقرر (Zeune, 1997) في دراسته أن رفض مراقبي الحسابات لقبول مسئولية الحماية من الغش والتلاعب أدى إلى فجوة توقع بين مهنة المراجعة ومستخدمي القوائم المالية، كما أوصت الدراسة أن أحد وسائل تضييق فجوة التوقعات هو قبول مراقبي الحسابات مزيداً من مسئولياتهم الإيجابية في البحث عن الحماية من الغش والتلاعب.
وباستعراض أهم ما جاء بالأدب المحاسبي وما تناوله بعض الباحثين من دراسات وبحوث بخصوص تقرير مراقب الحسابات وفجوة التوقعات، فإنه يمكن استخلاص النتائج التالية:
- وجود فجوة ما بين توقعات كل من المستثمرين ومستخدمي التقرير بصفة عامة من جهة، ووجهة نظر مراقبي الحسابات من جهة أخرى بخصوص دور ومسئوليات كل من الإدارة والمراقب عن القوائم المالية، وطبيعة التأكيدات والرأي الذي يرد في التقرير.
- على الرغم من أن تعبير فجوة التوقعات قد أصبح مألوفاً في مهنة المراجعة إلا أن مسببات تلك الفجوة لم يتم الاتفاق عليها بشكل قاطع في معظم الدراسات وتختلف تلك المسببات من بيئة إلى أخرى وعلى حسب درجة تقدم المنظمات المهنية ودور المراجعة في المجتمع ودرجة استقلال مراقب الحسابات ومسئوليته عن اكتشاف الأخطاء والغش في المراجعة ومدى وجود أتصال فعال في بيئة المراجعة.
قدمت دراسة (راضي، 1999) إطاراً استراتيجياً شاملاً لتضييق فجوة التوقعات ينطوي على أربعة عوامل متداخلة ومتكامل هي:
1 - دراسة توقعات المستفيدين من خدمات المراجعة، وتوسيع مسئوليات مراقب الحسابات.
2 - زيادة فاعلية الاتصال في بيئة المراجعة، وتنمية البعد التعليمي والإعلامي عن دور مراقب الحسابات ومسئولياته.
3 - تدعيم استقلال مراقب الحسابات.
4 - تفعيل الدور الذي تلعبه المنظمات المهنية في تنظيم ورقابة المهنة.
هذه العوامل تتشابه مع آليات حوكمة الشركات والتي يمكن التعبير عن نطاقها بأنها عمليات التفاعل المتبادلة والمستمرة بين الأطراف الداخلية والخارجية للشركة والتي تتمثل في مجلس الإدارة، الإدارة، المساهمين، الأطراف ذوي العلاقة (Julie Margret, 2001) ولكن ما مدى تأثير آليات حوكمة الشركات على فجوة توقعات المراجعة هذا ما ستتناوله الدراسة في المبحث التالي.
ثالثاً: استقراء وتقييم الدراسات السابقة فى مجال حوكمة الشركات بصفة عامة والعلاقة بفجوة التوقعات بصفة خاصة
أ – مفهوم حوكمة الشركات:
جاء موضوع حوكمة الشركات استمراراً للبحث المتواصل عن تعزيز أداء الشركات، ومنها على سبيل المثال نظرية المنشأة، ونظرية الوكالة، والفصل بين الملكية والإدارة، وهياكل الملكية وتمويل المنشآت، وعلاقة الإدارة بالمساهمين، وأصحاب المصالح وغيرها من النظريات. ونتيجة لارتباط موضوع حوكمة الشركات بمجالات وأطراف مختلفة، كالإدارة ومجلس الإدارة والمساهمين وأصحاب المصالح، ظهر كثير من التعريفات المتنوعة لحوكمة الشركات.
فقد عرفها البعض (Demirag, I., et al., 2000) بأنها مجموعة من العلاقات التعاقدية التي تربط بين إدارة الشركات ومساهميها وأصحاب المصالح فيها، وذلك من خلال إيجاد الإجراءات والهياكل التي تستخدم لإدارة شئون الشركة، وتوجيه أعمالها من أجل ضمان تعزيز الأداء والإفصاح والشفافية والمساءلة بالشركة، وتعظيم الفائدة للمساهمين على المدى الطويل، مع مراعاة مصالح الأطراف المختلفة.
ويهتم هذا المصطلح بالممارسات والكيفية التي يتم بها ضبط أداء الشركات ورفع كفاءتها ومجموعة التدابير التي يتم من خلالها متابعة أداء إدارة الشركات والرقابة عليها، ومعالجة المشكلات الناجمة عن ذلك، والعلاقة بين الجهات التي تحكم عمل الشركات من الداخل والخارج.
ويعد أسلوب حوكمة الشركات وسيلة تمكن المجتمع من التأكد من حسن إدارة الشركات بطريقة تحمي أموال المستثمرين والمقرضين، كما يؤدي إلى خلق ضمانات ضد الفساد وسوء الإدارة، علاوة على تطوير القيم الاساسية لاقتصاد السوق في المجتمع (Hopkins, M., 2000)
ويخلص الباحث مما سبق إلى أن مفهوم حوكمة الشركات يهتم بإيجاد وتنظيم التطبيقات والممارسات السليمة للقائمين على إدارة الشركة، بما يحافظ على حقوق حملة الأسهم وحملة السندات والعاملين بالشركة وأصحاب المصالح وغيرهم، وذلك من خلال تحري تنفيذ صيغ العلاقات التعاقدية التي تربط بينهم، وباستخدام الأدوات المالية والمحاسبية وفقاً لمعايير الإفصاح والشفافية الواجبة.
ب – أهداف حوكمة الشركات:
يساعد الأسلوب الجيد لحوكمة الشركات في دعم الأداء الاقتصادي والقدرات التنافسية وجذب الاستثمارات للشركات والاقتصاد بشكل عام من خلال الوسائل التالية: (Moureen, 2004)
1 - تدعيم عنصر الشفافية في كافة معاملات وعمليات الشركات وإجراءات المحاسبة والمراجعة المالية على النحو الذي يمكن من ضبط عناصر الفساد في أي مرحلة.
2 - تحسين وتطوير إدارة الشركة ومساعدة المديرين ومجلس الإدارة على بناء استراتيجية سليمة وضمان اتخاذ قرارات الربح أو السيطرة بناء على أسس سليمة، بما يؤدي إلى رفع كفاءة الأداء.
3 - تجنب حدوث أزمات مصرفية حتى في الدول التي لا يوجد بها تعامل نشط على معظم شركاتها في أسواق الأوراق المالية.
4 - تقوية ثقة الجمهور في نجاح الخصصة، وضمان تحقيق الدولة أفضل عائد على استثماراتها، وبالتالي إتاحة المزيد من فرصة العمل، وزيادة التنمية الاقتصادية.
5 - ضمان التعامل بطريقة عادلة بالنسبة للمساهمين والعمال والدائنين والأطراف الأخرى ذوي المصلحة في حالة تعرض الشركة للإفلاس.
ويخلص الباحث مما سبق إلى أن حوكمة الشركات تهدف إلى تحقيق ما يلي:
1 - الفصل بين الملكية والإدارة والرقابة على الأداء.
2 - تحسين الكفاءة الاقتصادية للشركات.
3 - إيجاد الهيكل الذي تتحدد من خلاله أهداف الشركة، ووسائل تحقيق تلك الأهداف ومتابعة الأداء.
4 - المراجعة والتعديل للقوانين الحاكمة لأداء الشركات، بحيث تتحول مسئولية الرقابة إلى كلا الطرفين وهما مجلس إدارة الشركة والمساهمون ممثلة في الجمعية العمومية للشركة.
5 - عدم الخلط بين المهام والمسئوليات الخاصة بالمديرين التنفيذيين، ومهام مجلس الإدارة ومسئوليات أعضائه.
6 - تقييم أداء الإدارة العليا وتعزيز المساءلة ورفع درجة الثقة.
7 - تمكين الشركات من الحصول على تمويل من جانب عدد أكبر من المستثمرين المحليين والأجانب.
8 - إمكانية مشاركة المساهمين والموظفين والدائنين والمقرضين، والإضطلاع بدور المراقبين بالنسبة لأداء الشركات.
9 - تجنب حدوث مشاكل محاسبية ومالية، بما يعمل على تدعيم واستقرار نشاط الشركات العاملة بالاقتصاد، وعدم حدوث إنهيارات بالأجهزة المصرفية أو أسواق المال المحلية والعالمية، والمساعدة في تحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي.
ج – الدراسات السابقة:
1 - دراسة (Klein, 2002)
تناولت هذه الدراسة المحددات الاقتصادية لاستقلال لجنة المراجعة، حيث أجريت الدراسة على عينة من أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء لجنة المراجعة للشركات المسجلة في بورصة الأوراق المالية الأمريكية SEC، وتشير نتائج الدراسة إلى وجود علاقة طردية بين كل من: حجم مجلس الإدارة واستقلال مجلس الإدارة وبين استقلال لجنة المراجعة، في حين تبين وجود علاقة عكسية بين كل: نمو إيرادات الشركة أو تدفقاتها النقدية، تعرض الشركة لخسائر متتالية في الماضي، تزايد عدد المساهمين من الخارج في مجلس لجنة المراجعة وبين استقلال لجنة المراجعة، بينما لم يوجد تأثير معنوي لكل من: نسبة الديون إلى الأصول، نسبة الأسهم المملوكة بواسطة المديرين الخارجيين، كون المدير التنفيذي عضو في لجنة مكافآت أعضاء المجلس، على استقلال لجنة المراجعة.
وعلى الرغم مما سبق، إلا أن الدراسة لم تحاول تطبيق اقتراح لجنة BRC (Blue Ribbon Committee) الخاص بضرورة أن يكون جميع أعضاء لجنة المراجعة ذوي خبرة في المحاسبة المالية، وأيضاً لم تحاول الربط بين استقلال لجنة المراجعة وبين آليات حوكمة الشركات البديلة، هذا بالإضافة إلى عدم تعرضها للعلاقة بين تقصي استقلال لجنة المراجعة وبين معدلات حدوث الغش في القوائم المالية.
2 – دراسة (Cohen and Hanno, 2000)
قامت هذه الدراسة بفحص آثار أنشطة حوكمة الشركات وأنشطة فلسفة رقابة الإدارة على أحكام مراقبي الحسابات المتعلقة بقبول العميل وبالاختبارات الأساسية، واعتمدت الدراسة في وصف أنشطة حوكمة الشركات وأنشطة رقابة الإدارة على أمثلة تقرير لجنة حماية التنظيمات الإدارية COSO 1992، ولقد أجريت الدراسة على 96 مراقب حسابات في أمريكا نصفهم لديه خبرة في مجال قبول العميل، أما النصف الآخر فلديه خبرة في مجال الاختبارات الأساسية، ولقد وزعت عليهم قوائم أستقصاء لحالة عملية تمثل عميل مراجعة مفترض في ضوء حالتي قوة (أو ضعف) أنشطة حوكمة الشركات ورقابة الإدارة.
وتشير النتائج إلى أن أحكام مراقبي الحسابات سواء المرتبطة بقبول العميل أو بالاختبارات الأساسية تكون أكثر إيجابية في حالة قوة أنشطة حوكمة الشركات ورقابة الإدارة مقارنة بحالة ضعف أنشطة حوكمة الشركات ورقابة الإدارة، إلا أن أحكام قبول العميل تتأثر بدرجة أكثر بفلسفة رقابة الإدارة مقارنة بتأثرها بحوكمة الشركات، أيضاً فإن تقييم مراقب الحسابات لخطر الرقابة وكذلك أحكامه المرتبطة بمدى الاختبارات الأساسية تتأثر بدرجة أكثر بفلسفة رقابة الإدارة مقارنة بتأثرها بحوكمة الشركات، أيضاً تشير النتائج إلى اختلاف أحكام مراقبي الحسابات حول توقيت الاختبارات الأساسية، حيث اتفق مراقبي الحسابات حول تعديل مدى هذه الاختبارات في ضوء تقييمهم لخطر الرقابة، في حين أختلفوا حول تعديل توقيت إجراء هذه الاختبارات.
وعلى الرغم من أهمية النتائج السابقة، إلا أن هذه الدراسة لم تهتم بالعناصر الأخرى لبيئة الرقابة مثل: قوة المركز المالي للعميل، المنهج الاستراتيجي لحوكمة الشركات بدلاً من منهج توجيه أنشطة الإدارة، ودراسة أثر الحوكمة ورقابة الإدارة على مراحل أخرى لعملية المراجعة وعلى التقارير المالية وعلى العديد من قرارات المراجعة، هذا بالإضافة إلى عدم تناولها استقلال مراقب الحسابات وقوة المراجعة الداخلية بالشركة ضمن آليات الحوكمة.
3 - دراسة (Julie Margret 2001)
تناولت هذه الدراسة أثر مقدار الإفصاح الإجمالي عن عناصر حوكمة الشركات في شركة فيليب على التغيرات المالية في التقارير المالية للشركة خلال الفترة ما بين 1992 – 2000 (أي قبل اشتراط لجنة بورصة الأوراق المالية في استراليا ضرورة الإفصاح عن عوامل الحوكمة بـ 4 سنوات وبعد إصدار هذه الاشتراطات بـ 4 سنوات) وتشير النتائج إلى أن أهم عناصر الحوكمة التي تم الإفصاح عنها في التقارير المنشورة خلال فترة الدراسة هي: لجنة المراجعة، النظام الاخلاقي للشركة، تكوين المجلس، مكافأة المجلس والإدارة، الرقابة الداخلية، اللجان التنفيذية، مجلس الإدارة ولجانه، التقرير والإشراف المالي، كما تشير النتائج أيضاً إلى تغير محتوى تقارير حوكمة الشركات مع مرور الوقت وفقاً للتغير في كل من: الهيكل التنظيمي للشركة، أنشطة اعمال الشركة، المركز المالي للشركة.
4 - دراسة (Dezoart and Salterio 2001)
قام بدراسة آثار استقلال أعضاء لجنة المراجعة وكذلك معرفتهم بالتقارير المالية وبتقارير المراجعة على دعمهم لمراقب الحسابات في خلافاته مع الإدارة، وأجريت الدراسة على 68 عضو لجنة مراجعة في كندا على حالة خلافية حول السياسات الدراسية المطبقة وحول معرفتهم المتعددة وقدراتهم على حل المشاكل ومعرفتهم بالتقارير المالية وبتقارير المراجعة.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن زيادة استقلال أعضاء لجنة المراجعة ذوي الخبرة يؤدي لزيادة دعم مراقب الحسابات، كذلك تبين وجود علاقة طردية بين معرفة عضو لجنة المراجعة بتقارير المراجعة وبين دعمه لمراقب الحسابات، في حين لا يوجد ارتباط موجب بين معرفة عضو لجنة المراجعة بالتقارير المالية وبين دعمه لمراقب الحسابات وهذا عكس المتوقع تماماً.
وعلى الرغم من النتائج السابقة إلا أن الدراسة لم تناقش تأثير أحكام أعضاء لجنة المراجعة بالعلاقات التي تؤثر على استقلالهم مثل: وجود أقارب لهم بالشركة، الحفاظ على ارتباطات هامة داخل الشركة، منح الشركة مكافأة تغير أعضاء المجلس، هذا بالإضافة إلى اقتصارها على دراسة حالة خلافية واحدة، دون الحالات البديلة الأخرى مثل: غموض موقف مراقب الحسابات، توقيت الخلاف حول التقارير، قوة العميل.
5 - دراسة (Cohen, et al., 2002)
تعرضت هذه الدراسة للعلاقة بين حوكمة الشركات وعملية المراجعة، حيث حاولت الإجابة على الأسئلة البحثية التالية:
1 - ما هي جوانب حوكمة الشركات التي يهتم بها مراقب الحسابات.
2 - كيف تؤثر حوكمة الشركات على قرارات مراقبي الحسابات بشأن تخطيط عمل المراجعة وأدائها.
3 - كيف يختلف دور وأهمية حوكمة الشركات عبر تعاقدات المراجعة المختلفة وحالات العميل المختلفة.
4 - مدى أهمية وكفاءة لجنة المراجعة مقارنة بآليات الحوكمة الأخرى في الارتباط بعملية المراجعة.
5 - ما هي وجهات نظر المراقبين للحسابات بشأن تغيير دور حوكمة الشركات في عملية المراجعة مع مرور الوقت.
6 - ما هي الكيفية المتوقعة لتغير دور حوكمة الشركات في عملية المراجعة مع مرور الوقت.
وقد أجريت الدراسة التجريبية من خلال المقابلات شبه الهيكلية مع عينة من 36 مراقب للحسابات من المراقبين التابعين لشركات مراجعة كبيرة في شمال أمريكا، وشملت العينة 11 مراقب حسابات، و 12 مدير مراجعة، 13 شريك مراجعة.
وتشير نتائج الدراسة إلى ما يلي:
1 - أن آليات حوكمة الشركات التي يهتم بها مراقب الحسابات على الترتيب هي: الإدارة، مجلس الإدارة، لجنة المراجعة.
2 - أن مراقبي الحسابات يستخدموا معلومات الحوكمة بدرجة أكثر في مرحلة تخطيط المراجعة مقارنة بمرحلتي الاختبار الميداني والفحص، أيضاً أختلفت درجة استخدام المراقب لمعلومات الحوكمة تبعاً لأختلاف مركزه الوظيفي داخل شركة المراجعة.
3 - أختلاف دور وأهمية حوكمة الشركات في التأثير على عملية المراجعة وفقاً لاختلاف حالات التعاقدات (جديدة/ مالية) واختلاف حالات العميل(ذي مخاطر مرتفعة – دولي أم محلي – خاص أم عام – اختلاف صناعة العميل – وجود نظام للعمل).
4 - نقص خبرة أعضاء لجنة المراجعة، بجانب عدم كفاءة اللجنة في أداء وظائفها وفي حل خلافات مراقب الحسابات مع الإدارة، كما تؤكد النتائج على تزايد أهمية حوكمة الشركات في المستقبل نظراً لتحول المراقبين من مراجعة العمليات إلى مراجعة الرقابات إلى مراجعة حوكمة الشركات.
5 - تلعب حوكمة الشركات دوراً قوياً في حالات الغش، وكذلك عند تقديم خدمات الضرائب وخدمات التأكيد الأخرى، نظراً لاعتماد هذه الخدمات على تأكيدات الإدارة، بينما تكون الحوكمة أقل أهمية بالنسبة للخدمات الاستشارية.
وعلى الرغم من أهمية النتائج السابقة إلا أنها لم توضح ما إذا كانت آليات حوكمة الشركات التي يهتم بها مراقبي الحسابات وهي (مصداقية الإدارة، قوة واستقلال مجلس الإدارة، استقلال لجنة المراجعة) كافية لدعم جودة التقارير المالية وكفاءة وفعالية عملية المراجعة أم لا، هذا بالإضافة إلى صغر حجم عينة الدراسة، وعدم تناولها باقي آليات حوكمة الشركات.
6 - دراسة (Goodwin and Seow 2002)
قام بدراسة آثار ستة آليات لحوكمة الشركات على جودة التقارير المالية ومراجعتها، وتتمثل آليات الحوكمة موضع الدراسة في: قوة لجنة المراجعة، وجود مراجعة داخلية لدى العميل، قوة السلوك الأخلاقي للشركة، تغيير شريك المراجعة، قيام مراقب الحسابات بتقديم خدمات المراجعة الداخلية للعميل، قيام مراقب الحسابات بمراجعة جميع شركات العميل، وأجريت الدراسة على عينة من المديرين ومراقبي الحسابات في سنغافورة، حيث تم توزيع 400 قائمة على المديرين وبلغت نسبة الردود 18% فقط، كما تم توزيع 200 قائمة على مراقبي الحسابات وبلغت نسبة الردود 31% فقط.
وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها:
1 - أن المراجعة الداخلية لها أهمية معنوية عالية في حين أن قوة السلوك الأخلاقي للشركة كان لها أهمية معنوية ضعيفة، أما لجنة المراجعة فلم يكن لها أية أهمية معنوية.
2 - يعتقد المديرين أن التنفيذ الصارم لقوانين الحوكمة يؤثر على كل من منع واكتشاف غش الإدارة، في حين يرى مراقبي الحسابات عكس ذلك، كما يرى مراقبي الحسابات أن وجود المراجعة الداخلية له أثر معنوي على قدرة الشركة على أكتشاف غش الإدارة.
3 - تشير النتائج إلى أن تغيير شريك المراجعة لم يكن له أثر معنوي على جودة التقارير المالية، وهذا عكس ما تطالب به التشريعات الحديثة.
4 - أن قيام المراجع بمراجعة جميع شركات العميل تساعده على مقاومة ضغوط الإدارة في حين يوجد اختلاف معنوي ضعيف لأثر هذه الآلية على قدرة المراجع على اكتشاف أخطاء القوائم المالية.
وعلى الرغم من النتائج السابقة، إلا أن الدراسة لم تتناول آليات الحوكمة الهامة الأخرى مثل: هيكل وخبرة مجلس الإدارة، قيام مراقب الحسابات بتقديم الخدمات الإدارية والإستشارية للعميل، ما إذا كان رئيس المجلس يشغل وظيفة المدير التنفيذي الرئيسي أم لا، تحديد إدراك الأطراف الأخرى المنضمة في الحوكمة مثل: المستثمرين والمراجعون الداخليون، هذا بالإضافة إلى إنخفاض نسبة الردود مما يشكك في نتائج هذه الدراسة.
7 - دراسة (Imhaff, and Eugene 2003)
تناولت هذه الدراسة العلاقة بين جودة المراجعة وحوكمة الشركات في أمريكا، حيث قامت بدراسة تحليلية للمراجعة والمحاسبة وحوكمة الشركات في الماضي والحاضر بهدف مراجعة التطور التاريخي لهما من أجل تحديد وفهم خصائصهم البارزة في الماضي والتي أدت إلى فشل بيئة التقارير المالية، ثم اقتراح التغيرات اللازمة فيهما لعلاج هذا الفشل لضمان جودة ونزاهة عملية التقارير المالية، ثم تحفيز البحوث التجريبية لدعم جودة ونزاهة هذه التقارير في المستقبل. ولقد اقترحت الدراسة إجراء تغييرات حقيقية في حوكمة الشركات قبل تطوير جودة المحاسبة والمراجعة، وفي النهاية توصلت الدراسة إلى نوعين من التوصيات بشأن دعم جودة ونزاهة التقارير المالية في المستقبل هما:
أولاً: التوصيات المقترحة لدعم استقلال وكفاءة مجلس الإدارة:
يجب أن تأخذ لجنة بورصة الأوراق المالية SEC القيادة في تحسين نظام حوكمة الشركات، وتقترح الدراسة أن تأخذ اللجنة في اعتبارها التغيرات الهامة التالية:
1 - منع المدير المالي أو المدير التنفيذي CEO للشركة من التصرف كرئيس لمجلس الإدارة، وكذلك منعه من التدخل في تعيين المديرين أو وضع جدول أعمال المجلس ومتطلبات الاجتماع.
2 - منع كل المديرين الخارجيين من امتلاك أسهم في أي شركة يكونوا أعضاء في مجلس إدارتها.
3 - فيما عدا المدير التنفيذي الرئيسي للشركة يجب أن يتضمن تشكيل المجلس مديرين من الخارج وبشرط ألا يكون سبق لهم العمل كموظفين في الشركة أو لديهم علاقات هامة مع الشركة أو مع المديرين التنفيذيين في الإدارة العليا.
4 - ألتزام أعضاء المجلس من الخارج ببرنامج تعليمي مستمر يحتوي على 30 ساعة دراسية معتمدة سنوياً.
ثانياً: مقترحات بشأن دعم استقلال مراقب الحسابات:
1 - منع المراقبين للحسابات الذين كانوا يعملون كمديرين أو كأعضاء مجلس إدارة أو كمراجعين سابقين في نفس شركة العميل من مراجعة هذه الشركة.
2 - التغير الإلزامي لشركة المراجعة كل 3 سنوات، وهذا ما أشار إليه قانون Sarbanes, Oxley. Act. Of 2002 بجانب أنه مطلب من قبل GAO في أمريكا، ويجب أن يكون إلزامي من قبل SEC أو بورصات الأسهم، ويفضل أن يقوم AICPA بدور الريادة في هذا المجال وإلزام جميع الشركات المسجلة ببورصة الأوراق المالية SEC بذلك.
3 - تطوير مبادئ المحاسبة المتعارف عليها GAAP لتحقيق شفافية عالية في التقارير المالية.
وعلى الرغم من أهمية التوصيات السابقة، إلا أنها توصيات نظرية، كما أنها مجال للجدل والخلاف بين المنظمات المسئولة عن تطوير المحاسبة والمراجعة لضمان جودة ونزاهة التقارير المالية في المستقبل.
8 - دراسة (أحمد، عادل عبد الرحمن، 2003)
وفيما يتعلق بإمكانية تطبيق حوكمة الشركات في الشركات المساهمة في البيئة المصرية، فقد استهدفت هذه الدراسة بحث مدى إمكانية تطبيق حوكمة الشركات في البيئة المصرية، وقد أتبعت الدراسة المنهجين الاستقرائي والاستنباطي، فقد تم استقراء وتصنيف الدراسات في مجال المحاسبة والمراجعة التي تتعلق بحوكمة الشركات ومعرفة كيفية التطبيق، كما أتبعت دراسة المنهج الاستنباطي لمعرفة مدى إمكانية تطبيق أسلوب حوكمة الشركات في الشركات المصرية ومعرفة العقبات التي تواجه تطبيق هذا الأسلوب. وقد أختبرت الدراسة فرضين، الفرض الأول أن تطبيق حوكمة الشركات يساعد على تفعيل عملية الرقابة والإشراف والمتابعة في الشركات المساهمة، كما يساعد على تحسين الأداء بهذه الشركات، والفرض الثاني يتمثل في أن تطبيق حوكمة الشركات يساعد على زيادة الشفافية في القوائم المالية وحماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح الأخرى بالشركة، وقد خلصت الدراسة إلى أن الظروف الحالية في مصر تساعد على الإسراع بتطبيق حوكمة الشركات والاستفادة من المزايا التي تحققت للدول التي قامت بتطبيقه من الأداء وزيادة الرقابة والمساءلة على الشركات وزيادة الإفصاح والشفافية في القوائم المالية بما يحقق مصلحة المساهمين وأصحاب المصالح الأخرى بالشركة.
كما أنتهت الدراسة إلى أن تطبيق مفهوم حوكمة الشركات في البيئة المصرية أصبح مطلباً ضرورياً وذلك للمساهمة في نجاح ونمو سوق المال في مصر، وكذلك العمل على نمو الاقتصاد القومي من خلال المساعدة في توفير الثقة والمصداقية في المعلومات المالية المنشورة للشركات المساهمة المصرية مما يساعد على جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
9 - دراسة (Clark, et al., 2004)
تناولت دراسة العلاقة بين جودة نظم حوكمة الشركات وأداء سوق الأوراق المالية، وذلك من خلال دراسة حالة شركة Ahold وهي مثال لفشل حوكمة الشركات في أوربا، حيث تم تحليل تعاملات السوق الخاصة بأسهم الشركة في بورصة الأوراق المالية لكل من أمستردام ونيويورك خلال الفترة من عام 1973 حتى 2004 وتحليل سلسلة أحداث لتقلب أسعار أسهم الشركة ورد فعل السوق لضعف نظام حوكمة الشركات، وقد أوضحت الدراسة أن شركة Ahold إحدى ثالث أكبر متاجر تجزئة في العالم أنشئت عام 1887 في أمستردام وكانت من أوائل الشركات التي سجلت في بورصة أمستردام عام 1948، ثم دخلت أسواق امريكا وأوربا وأصبحت سلسلة متاجر، وظهرت الأزمة في فبراير عام 2003 عند الإعلان عن مخالفات محاسبية ومالية بسبب قصور شفافية خطط حوافز ومكافآت المديرين وضعف الإفصاح وقصور المعلومات المقدمة إلى السوق، مما ترتب عليه قيام المساهمين ببيع أسهم الشركة وإنخفاض أسعار الأسهم حوالي 63% من قيمتها في فبراير 2003، وقد خلصت الدراسة من خلال تحليل أسعار الأسهم أن أسعار أسهم الشركة كانت ثابتة وتتميز بالاستقرار حتى عام 1982، ثم بدأت في زيادة مستقرة من عام 1982 حتى 1995 ثم النمو السريع حتى عام 2000، ثم انخفضت الأسعار حوالي 63% في فبراير عام 2003، وقد أشارت الدراسة إلى ضعف نظم حوكمة الشركات بشركة Ahold مقارنة بالشركات الأخرى في أوربا، وقد خلصت الدراسة إلى وجود علاقة عكسية بين جودة نظم حوكمة الشركات والتقلب في أسعار الأسهم، فزيادة التقلب في الأسعار يشير إلى ضعف وقصور المعلومات المقدمة للسوق وضعف نظم حوكمة الشركات.
10 – دراسة (Solomon, et al., 2004)
تناولت الدراسة تحليل الحالة الراهنة لمهنة المحاسبة وتحديد العلاقة بين حوكمة الشركات والمساءلة، وتحديد أسباب فشل الشركات وخداع المستثمرين وتحويل الثروة والموارد من المساهمين إلى الإدارة، واستخدام المعلومات المحاسبية في خداع وغش المساهمين. وقد حددت الدراسة أطراف مشكلة حوكمة الشركات بكل من واضعي المعايير المحاسبية، المراجعون، العميل (المنشأة)، مكاتب المراجعة والإدارة.
وقد توصلت الدراسة إلى أنه قبل صدور قانون Surbane- Oxley Law كان اهتمام المراجعين هو زيادة الإيرادات وذلك من خلال تقديم الاستشارات مقابل اهتمام أقل بعملية المراجعة، والتعاقد مع الإدارة باعتبارها العميل، والسماح بتقديم كل من المراجعة الداخلية والخارجية.
كما توصلت الدراسة إلى أن الوضع قبل القانون بالنسبة لمجلس الإدارة يتصف ببعض جوانب القصور أهمها أختيار أعضاء مجلس الإدارة بواسطة المديرين التنفيذيين سواء كانوا أصدقاء لهم أو هناك مصالح مادية، ويتم مكافأة أعضاء مجلس الإدارة ليس على اساس الأداء. كما أن هناك قصور في الشركات تتمثل في ضعف الرقابة الداخلية، وعدم الربط بين الرقابة الداخلية والخارجية، وضعف نظم الأمان وشيوع المسئولية. كما يتصف النظام السابق للحوافز الإدارية بأنه نظام معقد يترتب عليه تحويل الثروة من المساهمين إلى الإدارة بأي وسائل.
وبناء على الوضع السابق، فقد جاءت الإصلاحات الجوهرية في أمريكا من خلال القانون السابق والذي يهدف إلى التأكيد على ضرورة فعالية حوكمة الشركات وتحديد المسئوليات، وتطلب القانون ضرورة وجود لجنة للمكافآت ولجنة لحوكمة الشركات، وضرورة وجود سياسات لحوكمة الشركات، وتبني المعايير الأخلاقية، كما تطلب القانون ضرورة وجود لجنة مراجعة مستقلة عن مجلس الإدارة، تقوم هذه اللجنة بتعيين المراجع الخارجي وتحديد أتعابه، ويقدم المراجع الداخلي تقريره إلى هذه اللجنة، مع ضرورة عدم قيام المراجع بتقديم استشارات إلى العميل إذا تعارض ذلك مع عملية المراجعة، كما يجب على المراجع الخارجي أن يصدق على جودة الرقابة الداخلية للعميل، كما تطلب القانون ضرورة تناوب القائمين على عملية المراجعة.
11 – دراسة "صالح، رضا إبراهيم، 2002":
تناول البحث مشكلة فجوة التوقعات في مهنة المراجعة، وذلك من خلال تقييم مدى فهم كل من المراجعين والمستثمرين لطبيعة وأهداف عملية المراجعة، عن طريق عمل مقارنة مباشرة بين فهم كل منهما للمصلحات المستخدمة في تقرير المراجع، والعناصر التي يجب أن يشتمل عليها التقرير النموذجي غير المتحفظ، في ضوء ما ورد بمعيار المراجعة المصري رقم 200 لسنة 2000م.
وأوضحت الدراسة أن فجوة التوقعات تتكون من عنصرين أساسيين هما:
1 - فجوة المعقولية والتي تنشأ نتيجة التباين بين ما يتوقع المجتمع من المراجع إنجازه وبين مدى معقولية إنجاز تلك التوقعات من جانب المراجع.
2 - فجوة الأداء وتنشأ نتيجة التباين بين التوقعات المعقولة من قبل المجتمع والأداء الفعلي للمراجع.
وأختبرت الدراسة عدة فروض لمعرفة هل توجد فجوة توقعات بين المراجعين والمستثمرين وتوصلت الدراسة إلى ما يلي:
1 - توجد فجوة توقعات بين المراجعين والمستثمرين بشأن الإفصاح عن جميع العناصر التي تهم مستخدمي القوائم المالية، حيث كانت ردود المراجعين في جانب عدم الموافقة، وذلك على عكس ردود المستثمرين التي جاءت في جانب الموافقة.
2 - توجد فجوة توقعات بين المراجعين والمستثمرين بخصوص تحمل المراجع مسئولية تجاه جميع مستخدمي تقرير المراجعة، فقد جاءت ردود المستثمرين في أتجاه الموافقة بعكس ردود المراجعين التي جاءت في جانب عدم الموافقة أو محايدة.
3 - توجد فجوة توقعات بين المراجعين والمستثمرين بشأن الحكم على فعالية نظام الرقابة الداخلية المطبق في المنشأة، حيث جاءت ردود المستثمرين في أتجاه الموافقة يعكس ردود المراجعين التي جاءت في جانب عدم الموافقة أو محايدة.
4 - توجد فجوة توقعات بين المراجعين والمستثمرين متعلقة باكتشاف تلاعب وغش الإدارة، حيث جاءت ردود المستثمرين مركزة في مجال الموافقة، بينما كانت ردود المراجعين موزعة بين مجال الموافقة وغير الموافقة.
5 - توجد فجوة توقعات بين المراجعين والمستثمرين بشأن عدم أحتواء القوائم المالية على بيانات مضللة ناتجة عن تلاعب الموظفين بالمنشأة، حيث جاءت ردود المستثمرين مركزة في جانب الموافقة، بينما كانت ردود المراجعين موزعة بشكل كبير بين عدم الموافقة والمحايدة.
6 - توجد فجوة توقعات بين المراجعين والمستثمرين متعلقة بأن لا يصدر المراجع تقرير نظيف إلا إذا كان لديه دليل مقنع بعدم قيام المنشأة بعمليات غير نظامية، حيث جاءت ردود المستثمرين بنسبة كبيرة في جانب الموافقة، بينما جاءت ردود المراجعين موزعة بصورة كبيرة وتميل أكثر نحو عدم الموافقة.
وعلى ذلك، فقد أوضحت نتائج الدراسة اتفاق المراجعين والمستثمرين على أهمية مصطلحات ومدلول التقرير النظيف، إلا أنهم لا يتفقون على ما يجب أن يفعله المراجع أو يقوم بالحكم عليه قبل إصداره لهذا التقرير، حيث تبين وجود فجوة بين توقعات كل منهما في العديد من العناصر التي أشتملت عليها الدراسة، وأن توقعات المستثمرين تفوق ما يقوم به المراجعين في تلك العناصر.
يلاحظ من الدراسات السابقة أنها طبقت في بيئات مراجعة أجنبية مثل أمريكا واستراليا وكندا وسنغافورة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن بعضها كانت دراسات نظرية لم تقدم سوى مجرد توصيات نظرية فقط، كما أن هذه الدراسات تناولت بعض آليات حوكمة الشركات دون الآليات الأخرى مثل: قوة وأستقلال مجلس الإدارة، الإشراف الفعال على التخطيط الاستراتيجي للشركة، وجود نظام فعال للمساءلة المحاسبية، جودة النظم المحاسبية الإدارية والمالية للشركة، التزام الشركة بمعايير المحاسبة المحلية والدولية اعتماد الشركة على تكنولوجيا المعلومات المتطورة، استقلال مراقب الحسابات، التغير الإلزامي لشركة المراجعة كل 3 سنوات، إلزام مراقب الحسابات بمعايير رقابة الجودة، قيام مراقب الحسابات بتقديم الخدمات الاستشارية والإدارية للعميل، الفصل بين وظيفة رئيس مجلس الإدارة وبين وظيفة المدير التنفيذي الرئيسي للشركة.
أيضاًُ فإن الدراسات السابقة لم تتعرض لآثار آليات حوكمة الشركات على فجوة توقعات المراجعة، وكذلك آثارها على مقدرة مراقب الحسابات على اكتشاف كل من: ضعف الرقابة الداخلية، الأخطاء الجوهرية في القوائم المالية، غش الإدارة والموظفين الجوهري، وكذلك على مقدرته على مقاومة ضغوط إدارة العميل، وعلى إنجاز عملية المراجعة بفعالية، علاوة على ما سبق فهناك ندرة في الدراسات العملية في هذا المجال، ومن ثم فإن آليات حوكمة الشركات سواء المرتبطة بالعميل أو بمراقب الحسابات يمكن توضيحها في النقاط التالية: (أحمد، عاطف محمد، 2003).
أولاً: آليات حوكمة الشركات المرتبطة بالعميل وتشمل:
أ ) قوة واستقلال لجنة المراجعة وتشمل:
1 - عدد أعضاء لجنة المراجعة المستقلين.
2 - خبرة أعضاء لجنة المراجعة بالتقارير المالية.
3 - خبرة أعضاء لجنة المراجعة بتقارير المراجعة.
4 - استقلال مجلس إدارة الشركة.
5 - انتظام الاجتماعات الدورية للجنة (4 مرات في السنة) ولها اجتماعات دورية مع المراجع الخارجي.
6 - إنخفاض نسبة الأسهم المملوكة بواسطة المديرين الخارجيين.
7 - المدير التنفيذي الرئيسي للشركة ليس عضواً في لجنة مكافآت المجلس.
ب) قوة المراجعة الداخلية بالشركة وتشمل:
1 - قوة الرقابة الداخلية.
2 - استقلال المراجعة الداخلية وتبعيتها للجنة المراجعة.
3 - وجود رقابة قوية على كفاءة وفعالية استخدام موارد الشركة.
4 - وجود رقابة توجه على التقارير المالية.
5 - وجود رقابة قوية على التزام الشركة بالقوانين والتشريعات والأنظمة المطبقة.
6 - الإشراف الفعال على التخطيط الاستراتيجي للشركة.
7 - المراقبة الفعالة لإدارة مخاطر الشركة.
8 - وجود نظام فعال للمساءلة المحاسبية.
9 - التزام المراجعين الداخليين بالميثاق الأخلاقي لمهنة المراجعة الداخلية.
10- وجود النظم المحاسبية والإدارية والمالية بالشركة.
جـ) التزام الشركة بمعايير المحاسبة المحلية والدولية.
د ) اعتماد الشركة على تكنولوجيا المعلومات المتطورة.
هـ) وجود نظام أخلاقي قوي بالشركة.
ثانياً: آليات حوكمة الشركات المرتبطة بمراقبي الحسابات وتشمل:
أ - استقلال مراقبي الحسابات.
ب- التغير الإلزامي لمكتب المراجعة كل 3 سنوات.
جـ- التزام مراقب الحسابات بمعايير المراجعة المحلية والدولية.
د - التزام مراقب الحسابات بقواعد السلوك الأخلاقي للمهنة.
هـ- التزام مراقب الحسابات بمعايير رقابة الجودة.
و - قيام مراقب الحسابات بتقديم الخدمات الاستشارية والإدارية للعميل.