بعد شرح الأردن لأسبابه الخاصة لتمنعه من المساهمة العسكرية في إسقاط النظام السوري برئاسة الرئيس السوري بشار الأسد، ووضعه سلة شروط لتبديد هذه الأسباب، فقط لوحظ أن الأردن لم يبد أي عجلة أو تسرع في الإحاطة بالرد الخليجي، إذ يتردد أن دول الخليج قد قامت بتفويض دولة قطر بالإتصال والتواصل مع الأردن حول هذا الموضوع، فيما أوعز الأردن لجنرال عسكري بالإتصال مع الجانب القطري، إذ لوحظ مراوغة خليجية توقعها الأردن منذ بداية الإتصالات، ثم تحولت هذه المراوغة الى ما يشبه المقايضة والمفاصلة، ومحاولة سحب بعض الحلول الأردنية لمصلحة حلول أخرى، منها عضوية أردنية كاملة في مجلس التعاون الخليجي، لكن الأردن أبلغ الخليجيين صراحة أن عضوية الخليجي مكسب مهم، لكن عمّان حاليا لا تتعجل هذا المكسب، وتترك للظروف مسألة إنضاجه.
وحسب الموقع الاردني "اخبار بلدنا":" أول إتصال وتواصل بين الأردن والخليج حول مساهمة عسكرية أردنية في الملف السوري كان قد جرى في شهر فبراير الماضي، إذ أنه لاحقا للمراوغة الخليجية، فإن الدول الخليجية قد أوقفت هذا التفاوض في الكواليس، وأصبحت تضغط على الأردن تحت عناوين سياسية، إذ لوحظ أن قطر قد أمرت بالتحرش السياسي بالأردن عبر فضائية (الجزيرة) و صحيفة عربية تصدر من العاصمة البريطانية لندن، وتمولها قطر، كما أن أطراف خليجية أخذت تستجوب الأردن سياسيا في لقاءات سياسية عربية ودولية عن مغزى الرفض الأردني لطرد السفير السوري من عمّان، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، فيما كان الأردن يبدي صلابة في الإجابة، متمسكا بإجابة ثابتة في السياسة الأردنية وهي أن الأردن منذ الإستقلال عام 1946 لم يبادر الى قطع أيا من علاقاته الدبلوماسية مع أي دولة في العالم.
في مطلع شهر أبريل الماضي، طُلِب الى الأردن مجددا إحياء ملف المساهمة العسكرية الأردنية في الملف السوري، لكن الأردن تمسك بأسبابه وشروطه ذاتها، وهو الأمر الذي دفع طرف خليجي الى إبلاغ الأردن أن الدول الخليجية وإن كانت تتحفظ على شرط سداد المديونية الأردنية، إلا أنها عندما عرضت الأمر على أطراف دولية، فقد طلبت هذه الأطراف أن تباشر هي جولة مفاوضات مع الأردن لثنيه عن بعض الشروط المالية الباهظة، إذ لوحظ أن أميركا وفرنسا وبريطانيا قد فتحت قنوات إتصال مع الأردن حول الموضوع، فقد كان العائق الأبرز هو ملف المديونية الأردنية التي تراها أطراف خليجية ودولية شرطا باهظا، إذ أن المديونية الأردنية تبلغ حوالي عشرين مليار دولار أميركي، إذ تم الإتفاق مبدئيا على سداد ربع هذا المبلغ، وأن تقنع دول دائنة بإسقاط بعض ديونها، وأن يعطى الأردن فترة سداد أكثر مرونة وأبعد مدى بفائدة قليلة جدا.
وفي شأن النفط الخليجي للأردن، فقد أبدت دول خليجية مؤثرة نفطيا رغتبها بإجراء تعديل على معادلة صدام حسين، إذ تريد الدول الخليجية منح الأردن نصف إستهلاكه النفطي مجانا، لكن النصف الآخر يدفع بالسعر الدولي صعودا أو هبوطا، أما عن ملف الصخر الزيتي فقد صنف هذا الشرط خليجيا بالموافقة تحت بند الإستثمار الخليجي في الأردن دون أدنى ممانعة، فيما الشروط الأخرى للأردن لم يتم التطرق إليها، خصوصا وأن الأردن قد طلب غطاءا دوليا لتحركه العسكري بإتجاه سوريا، وإشتراك قوات برية خليجية الى جانب قواته.
بعد سقوط قادة عسكريين سوريين في تفجير ما عرف بمكتب الأمن القومي في الثامن عشر من الشهر الماضي، وتسارع إحتمالات وتوقعات سقوط النظام السوري سريعا، تلقى الأردن برقية خليجية مشفرة تفيد بأن الإتصالات لتدخل عسكري أردني قد توقفت بإنتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا، قبل أن تعود الإتصالات حول الموضوع ذاته بعد أن تحرك النظام السوري سريعا لإجتواء الموقف، والرد العسكري القاسي، علما أن الأردن كان أرسل تقديرا إستخباريا بعد ثلاثة ساعات من التفجيرات جاء فيه أن عملية التفجير ليست من النوع القاصم لظهر النظام، وأن الرئيس السوري بشار الأسد موجود في العاصمة دمشق، وهذا مؤشر أنه يشعر بالأمان.
الإتصالات حول نفس الموضوع تجددت منذ نحو أسبوع، وقد أبدى الأردن ليونة إزاء بعض التحفظات الخليجية، لكن عمّان قد طلبت أن تنفذ الشروط قبل أي خطوة أردنية، لأن الأردن لا يريد أن يقبض وعودا.