نتنياهو يستبدل جلسة حكومته العادية بجلسة خاصة
بوادر الانتفاضة الفلسطينية المسلحة الثالثة تلوح في الأفق
الحقيقة الدولية – غزة - علي البطة
ترتفع درجة المؤشرات المؤكدة قرب وقوع انفجار انتفاضة فلسطينية على خطى انتفاضة الأقصى التي اندلعت في أواخر كانون الأول من العام 2000، وان كانت الانتفاضة السابقة اندلعت دفاعاً عن المسجد الأقصى، فان الحالية ستتفجر دفاعاً عن كل المقدسات الإسلامية التي تستهدفها إسرائيل بالتهويد والمصادرة.
لا تقتصر أسباب تسعير غضب الفلسطينيين على التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد المقدسات ومواصلة الاعتداءات ضد الأرض الفلسطينية فحسب، بل يضاف إليها حالة الإحباط الواسعة من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
ولم يسجل الإحباط عند المعارضين الفلسطينيين فحسب، بل إن الإحباط سجله كبار المفاوضين الفلسطينيين المقربين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو إحباط سيدفع الرئيس الفلسطيني إلى التخلي عن الكثير من مسؤولياته الأمنية في الضفة الغربية.
ومما يزيد مؤشرات اندلاع انتفاضة مسلحة وليست شعبية فقط، قرار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إلغاء الجلسة الأسبوعية الدورية التي تعقد يوم الأحد من كل أسبوع، واستبدالها بعقد جلسة خاصة برئاسته حول حالة الجاهزية في الجبهة الداخلية لأوقات الطوارئ.
وسيتلقى نتنياهو خلال هذه الجلسة تقارير من وزير الحرب ايهود باراك ورؤساء الدوائر الأمنية المختصة حول مدى تقدم الاستعدادات لتحسين حماية العمق الإسرائيلي.
وسيعرض كبار المسؤولين الأمنيين على رئيس الوزراء سلسلة سيناريوهات بدءًا بازدياد الوضع سخونةً واشتعال جبهة قطاع غزة وانتهاءً باندلاع حرب شاملة.
ويقول وزير الأسرى الفلسطيني السابق أشرف العجرمي: انه مع مطلع كل يوم جديد، تثبت حكومة بنيامين نتنياهو أن وجهتها هي التصعيد ودفع المنطقة إلى مواجهات جديدة. حتى الآن لم تقدم هذه الحكومة على أية خطوة ايجابية تجاه الشعب الفلسطيني، وبالتالي تجاه عملية السلام، بل على الع______ هناك تصعيد يومي، أولاً باستمرارها في سياسة البناء الاستيطاني، وخاصة في القدس حيث يتم هدم بيوت المواطنين لتقام أحياء يهودية ومرافق لخدمتها على أنقاض بيوتهم، ويجري تسمين المستوطنات وتوسيعها بصورة مكثفة.
ويوضح أن ما يخطط له الأمريكان ويسعون لتحقيقه في إطار تدخل فاعل بين الجانبين (الفلسطيني والإسرائيلي) يصطدم بالسياسة الإسرائيلية التي تريد دفع المنطقة نحو موجة جديدة من (العنف). ويضيف "فالإصرار على المساس بالمناطق الدينية المقدسة التي لها مكانة خاصة لدى الفلسطينيين هو محاولة جديدة من قبل حكومة نتنياهو لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء إلى ما حصل العام 2000 من خلال الزيارة الاستفزازية التي قام بها ارئيل شارون إلى المسجد الأقصى والتي كانت سبباً في اندلاع الانتفاضة الثانية".
أحتقان خطير
ويشدد المحلل السياسي يحيى رباح على أن المنطقة من حولنا محقونة بالمجازفات الخطيرة جداً، وهذه اللغة العاصفة تخفي تحتها مخاوف حقيقية، حتى إسرائيل نفسها تذهب هذه الأيام إلى اللغة العاصفة نفسها، وإلى المجازفات الخطيرة، وهي لا تملك الحد الأدنى من التأكد من نتائج مجازفاتها الخطيرة.
ويقول رباح: "إسرائيل تتجاوز حدود اللعبة في الضفة من خلال ضم المقدسات الإسلامية إلى تراثها اليهودي"، كما حدث مع الحرم الإبراهيمي، ومسجد بلال بن رباح، وأسوار مدينة القدس، وكل هذه المواقع هي في قلب وفي بؤرة أرض الدولة الفلسطينية، وهذه المجازفة الإسرائيلية الحمقاء هي أقصى درجات الاستفزاز السياسي وأقصى درجات الاستفزاز الديني في آن واحد، وإسرائيل تعرف بالتفاصيل، أن هذا الاستفزاز الخطير الذي تقوم به عن عمد وسابق إصرار سوف يخلق ردود أفعال لا تقتصر على مستوى القيادة الفلسطينية العاقلة والمتزنة ذات الحسابات المنضبطة، وإنما قد يفتح هذا الاستفزاز الإسرائيلي المتعمد الأبواب أمام ردود أفعال أخرى.
ويؤكد الكتاب السياسي مهند عبد الحميد ما ذهب إليه رباح بالقول: "إن الـمستوى السياسي والأمني الإسرائيلي يعيد تكرار الـمواقف النمطية الاستفزازية"، ويبطل مفعول كل تغيير أو تطور سابق. وإذا شئنا الدقة فإن ثمة تدهوراً إضافياً في الـمواقف الإسرائيلية لا يخضع "للـمنطق" الـمتبع في الـمؤسسة الرسمية. فهذه الحكومة تضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح، الـمكانين الإسلاميين الـمقدسين، إلى "الـمواقع الأثرية الإسرائيلية"، دون أن تكترث لـما سوف ينجم عن هذا العمل. اللعب بالـمقدس هنا يأتي تكراراً لاقتحام شارون للـمسجد الأقصى الذي فجر الانتفاضة الثانية.
ويشير إلى أن الـمس بالـمقدسات الإسلامية وبمدينة القدس، والاغتيال، ومواصلة الزحف الاستيطاني ومواصلة حصار قطاع غزة، ربما يؤدي إلى حدوث انفجار فلسطيني واندلاع انتفاضة.
لكن عبد الحميد يقول: إن إسرائيل هي التي تريد نوعاً معيناً من الـمواجهة غير الـمتكافئة، لذا فإنها تحاول استدراج الفلسطينيين للأسلوب الذي تستطيع معه استخدام اشد أنواع البطش الذي ينهك الـمجتمع الفلسطيني ويشل قدرته على التعبئة ويضعف تماسكه.
ويؤكد الكاتب الصحفي رائد خلف الله على أن كل المؤشرات تدلل على أن الغضب الفلسطيني من الممارسات الإسرائيلية سينفجر قريباً "انفجاراً عسكرياً" وليس شعبياً فحسب.
ويقول: الأوضاع آخذة في التصعيد رويداً رويداً، والآن وصل التصعيد ذروته بالاعتداءات على الأرض الفلسطينية، وضم المقدسات، وتراجع حظوظ المفاوضات، هذه كلها متفرقة تؤدي إلى انفجار، فكيف بها إذا تجمعت كما هي اليوم.