أمر النائب العام القطري بحبس عدد من الأشخاص في إطار التحقيق في الحريق الذي شب بمجمع فيلاجيو التجاري بالدوحة والذي راح ضحيته 19 شخصا، في حين تجمع مئات من القطريين والأجانب أمام المجمع ووضعوا أكاليل من الزهور تكريما لضحايا الحريق.
فقد أمر النائب العام القطري علي بن فطيس المري مساء أمس بحبس كل من مالك مجمع فيلاجيو ومديره ونائبة المدير ومساعد مدير أمن المجمع، وذلك في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بشأن الحريق الذي وقع أول أمس الاثنين.
وأشارت وكالة الأنباء القطرية الرسمية إلى أن النائب العام أمر كذلك بضبط وإحضار كل من مدير أمن فيلاجيو ومسؤول التراخيص بالوزارة المختصة وآخرين وردت أسماؤهم أثناء التحقيق.
وكان الحريق قد اندلع عند الساعة الحادية عشرة والنصف صباح الاثنين في المجمع الذي يعد من أشهر المجمعات التجارية في الدوحة ويضم متاجر ومطاعم ودور سينما، وفيه أقنية مائية للقيام بنزهات في زوارق. وأسفر الحريق عن مقتل 13 طفلا وأربع مدرسات حوصرن مع الأطفال في حضانة داخل المجمع، إضافة إلى عنصرين من الدفاع المدني.
وكان وزير الدولة للشؤون الداخلية القطري الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني قد أعلن في مؤتمر صحفي مساء الاثنين أنه "لا أحد يستطيع الجزم بأسباب اندلاع الحريق، لكن النيابة العامة والجهات المعنية المختصة ستباشر التحقيقات للتوصل إلى أسبابه، وهو ما سوف يفصل فيه القضاء، وبالطبع سيحاسب كل من قصر في هذا الحادث".
وشكل ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لجنة للتحقيق في الحادث، بينما أغلق المجمع حتى إشعار آخر للصيانة والتحقيق. وقد وعدت السلطات القطرية بمراجعة قواعد وشروط الأمن والسلامة بالمجمعات التجارية.
تكريم وتوديع
في هذه الأثناء تجمع مئات من القطريين والأجانب من المقيمين أمام أكاديمية أسباير للرياضة المتاخمة لمجمع فيلاجيو التجاري، حيث وضعوا أكاليل من الزهور تكريما لضحايا حريق المجمع وتعبيرا عن تعاطفهم مع ذويهم.
وقد ودعت عائلات الضحايا أبناءها أمس الثلاثاء في جنازتين جماعيتين للمسلمين والمسيحيين، في حين استكملت إجراءات تسفير غالبية الضحايا إلى بلدانهم، بحسب ما أفاد به مصدر رسمي.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أنه في كنيسة من مجمع الكنائس لالدوحة تجمع نحو ثلاثة آلاف شخص للصلاة على أربعة أطفال إسبان، ثلاثة منهم أشقاء قضوا في الحريق.
وكتبت أسماء الأطفال الأربعة "ألمودينا وألفونسو وكاميليو وإيزابيل" بأحرف مضيئة ووضعت على مذبح الكنيسة أثناء التشييع الذي شارك فيه العشرات ممن قدموا من إسبانيا. وارتدت والدة الأطفال الثلاثة ملابس بيضاء، وقال الأب كاميلو ترافوسيدو الذي لم يتمكن من حبس دموعه "سنعود إلى ديارنا، ولكن لا نعرف متى".
وفي وقت سابق، تجمع أكثر من ألفي شخص من مختلف الجنسيات تحت أشعة الشمس الحارقة للصلاة على جنائز أربعة مسلمين من ضحايا الحريق.
وتقدم المشيعون وزير الدولة للشؤون الداخلية وقيادات الدفاع المدني وأفراد من الجاليات الجنوب أفريقية والمغربية والإيرانية، فالضحايا الأربع الذين صلي على جنائزهم في جامع مسيمير قبل أن يدفن ثلاثة منهم في مقبرة مجاورة، هم طفل ومدرّسة من جنوب أفريقيا وعنصران من الدفاع المدني، مغربي وإيراني.
جنسيات الضحايا
من جهته ذكر رئيس القسم الإعلامي بوزارة الداخلية النقيب مبارك البوعينين لوكالة الصحافة الفرنسية أن ضحايا الحريق هم "طفلة أميركية واحدة من أصل عربي وثلاثة أطفال توائم من نيوزيلندا وطفلة من كندا، وطفل وطفلة من مصر، وطفل ومدرّسة من جنوب أفريقيا، وثلاث فلبينيات هن مدرستان ومحاسبة، وأربعة أطفال إسبان وطفل صيني، إضافة إلى عنصر مغربي من الدفاع المدني وآخر إيراني".
وقد بدأ التحقيق في ملابسات الحادثة وسط تساؤلات حول معايير السلامة والشفافية في دولة قطر التي تحقق معدلات نمو مذهلة وتعلو فيها الأبراج بسرعة، وتستعد لاستقبال نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
وكتب رئيس تحرير صحيفة الراية القطرية صالح بن عفصان الكواري "حقيقة فإن الحادث مؤسف، وينم عن قصور فاضح في إجراءات السلامة والأمن بالمجمعات التجارية التي يتوجب عليها أن تتخذ من وسائل الحيطة والسلامة ما يجنب زوارها والمترددين عليها من المتسوقين مثل هذه الحوادث الأليمة، ويجنبها هي نفسها الخسائر المادية والمساءلة القانونية والنيل من سمعتها".