كاميرات المراقبة بدبي تسلط الضوء على فنون الاغتيالات السرية
دبي تعمل على تشكيل فريق امني دولي لمطاردة قتلة المبحوح وتؤكد امتلاك بصمات وراثية وبصمات اصابعهم
اكد قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان الجمعة امتلاك بصمات وراثية وبصمات اصابع تعود لافراد من المجموعة التي تتهمها الامارة بقتل القيادي في حركة حماس محمود المبحوح الشهر الماضي في دبي، وذلك في تصريحات لقناة "العربية".
وتعليقا على ما قيل في اسرائيل عن ان الصور التي قدمتها شرطة دبي للقتلة المفترضين لا تشكل دليلا جنائيا حقيقيا اكد خلفان "عندنا (دي ان ايه) (الحمض الريبي النووي) .. في مسرح الجريمة. البصمة الوراثية موجودة للقتلة".
واشار الى وجود "دليل قطعي لـ "بصمة وراثية لاحد القتلة" اضافة الى "بصمات اياد، بصمات اصابع" تعود لعدة اشخاص.
واعتبر خلفان ان هذه البصمات "تمكننا مئة بالمئة" من تحديد هويات قتلة المبحوح الذي عثر عليه جثة هامدة في غرفته الفندقية بدبي في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي.
وعن سبب عدم اخفاء القتلة المفترضين لهذه البصمات، قال خلفان "مهما كان الجاني محتاطا لا بد ان واحدا او اثنين يخرجان عن الاحتياط في لحظة عجلة... لا احد يقول انه ليس هناك اثر، يوجد هناك اثر".
اما بالنسبة لعدد المتهمين في القضية الكبير نسبيا، والذي بلغ حتى الآن 26 شخصا يحملون جوازات غربية، قال قائد شرطة دبي "دائما يكون الرقم بهذا الحجم" معتبرا ان ذلك يؤكد اتهامه في وقت سابق للقتلة بانهم "جبناء".
واذ اقر بان الجوازات التي استخدمت "مزورة"، قال ان "الكاميرا فضحت العملية برمتها والادلة والـ(دي ان ايه) موجدودة في مكان الحادث... لا احد يقول ان المسألة يمكن ان تروح فالبصمات موجودة عندنا والـ(دي ان ايه) موجود عندنا والاشكال موجودة عندنا".
واضاف "اعتقد ان الكاميرات اظهرت انه يمكن ان تخفي اجزاء بسيطة لكن لا يمكن على الاطلاق ان تتلاعب بشكلك بحيث لا احد يتعرف عليك".
واعلن خلفان في تصريحات نشرتها صحيفة "البيان" الاماراتية انه سيتم تشكيل فريق امني دولي لملاحقة الـ26 شخصا الذين تتهمهم شرطة الامارة باغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح الشهر الماضي.
وقال خلفان انه اعتبارا من يوم الاحد "سيعمل من خلال القنوات الدبلوماسية الاوروبية والاسترالية وربما الامريكية، على تشكيل فريق عمل امني إماراتي دولي يضم سبع دول على الاقل لمطاردة عصابة اغتيال المبحوح في ضوء نتائج التحقيقات التي توصلت إليها شرطة دبي".
وذكر ان فرقا من شرطة دبي زارت بعض الدول الاوروبية المعنية خلال التحقيقات.
واذ نفى ما سبق ان نقل عنه حول استخدام بعض المتهمين جوازات دبلوماسية، جدد خلفان توجيه اصابع الاتهام الى جهاز الاستخبارات الاسرائيلي موساد وقال لهذا الجهاز "الباروكة لا تنفع".
ويشير خلفان بذلك الى تمويه اعضاء المجموعة التي قتلت المبحوح اشكالهم عبر ارتداء الشعر الاصطناعي منوها بتشدد استراليا ازاء استخدام جوازات سفر منسوبة اليها من قبل ثلاثة تتهمهم دبي في القضية.
ورجح قائد شرطة دبي ان يدرج الانتربول اسماء المتهمين الـ15 الجدد الذين تم الكشف عنهم الاربعاء اعتبارا من الاسبوع المقبل.
واعلنت شرطة دبي الاربعاء ان 15 شخصا اضافيا يحملون جوازات غربية ضالعون في اغتيال المبحوح ما يرفع اجمالي عدد الاشخاص الذين اتهمتهم الشرطة في العملية الى 26 شخصا، وقد حمل هؤلاء جوازات بريطانية وايرلندية وفرنسية واسترالية اضافة الى شخص حمل جوازا المانيا.
وسبق ان اكدت غالبية الدول المعنية ان الجوازات مزورة او متلاعب بها وانها تظهر حالات انتحال شخصية، فيما اكدت شرطة دبي ان الجوازات صحيحة وانما تم اصدارها عن طريق الاحتيال.
وأعطى منفذو عملية اغتيال يشتبه أنهم اسرائيليون للعالم درسا دون قصد في الاغتيالات السرية من خلال لقطات سجلتها لهم كاميرات المراقبة وهم يمارسون مهنة القتل التي يحترفونها.
وهناك شعور بالإعجاب في مجتمع المخابرات "بعملية" شبه خالية من العيوب نفذتها مجموعة مسافرين لم يعرف افرادها اغتالت قيادي حماس محمود المبحوح دون أن ترصد في غضون ساعات من وصوله الى دبي بفضل العمل الجماعي القوي والإعداد الجيد.
ومع تنحية المسائل الأخلاقية جانبا وهي ليست من بواعث القلق الرئيسية في عالم التجسس يقول خبراء أمنيون إن المهارات التي عرضت على جماهير التلفزيون ومستخدمي الإنترنت على مستوى العالم هي لجهاز مخابرات وطني بارع في التخفي في وضح النهار.
ويضيفون ان مسألة أن لا أحد يستطيع تحديد المسؤول بصورة قاطعة على الرغم من المؤشرات القوية على أنها اسرائيل تبرز فكرة أن هذا عمل جهاز أمني حكومي سري بحق.
ويقول روبرت اييرس الضابط السابق بالمخابرات الأمريكية "دخلوا وقتلوا الرجل واختفوا دون أن يتركوا دليلا على من يكونون... ليس هناك ما هو افضل من هذا".
ولم تنف اسرائيل او تؤكد أنها لعبت اي دور.
ويقول خبراء إن احتمال أن تصورهم كاميرات المراقبة لا بد وأنه وضع في الاعتبار غير أن قرار دبي نشر الصور ربما يكون قد أثار الدهشة.
وقتل المبحوح القيادي بحماس في 19 كانون الثاني (يناير) بغرفته في أحد الفنادق في ما قالت شرطة دبي إنها شبه متأكدة أنها عملية اغتيال نفذتها المخابرات الإسرائيلية (الموساد).
ويبدو القتلة وفريق الدعم لهم وهم لاعبو تنس يرتدون سراويل قصيرة وشابة شعرها اسود ترتدي بذلة ورجل ملتح متوسط العمر يرتدي قبعة قابلين للنسيان بسهولة. ليسوا شديدي الأناقة وليسوا في حالة رثة. يشبهون اي احد.
وقال اييرس "أفضل ضابط مخابرات في العالم يكون أصلع وبدينا... اذا كان متوسط العمر فيمكن أن يفيد هذا".
وحللت سلطات دبي بسرعة العملية بفضل انتشار كاميرات المراقبة في كل مكان في الفنادق والمطار. وانتشرت هذه الصور على شبكة الانترنت لتوفر جرعة مثيرة من "تلفزيون الواقع" وسط جمهور عالمي.
وقال رودريك جونز وهو ضابط شرطة سابق بوحدة الأمن القومي في بريطانيا "لم يكن هذا قتلا بطائرة بلا طيار او احدى العاب الفيديو. كان هذا عميقا".
وتبحث دبي عن 26 شخصا على الأقل يشتبه في ضلوعهم في الاغتيال وقد ذهل بعض المعلقين من العدد مشيرين الى أن هذا عدد مزعج لفرقة اغتيالات.
لكن وجهة النظر السائدة في مجتمع المخابرات في الوقت الحالي هي أن هذا مؤشر على جدية القتلة في نيتهم.
وقال عضو سابق بجهاز مخابرات اوروبي "هذا طبيعي تماما. يمكن الا تسير الأمور كما ينبغي وهذا يحدث بالفعل واذا حدث تحتاج الى الخروج. لهذا تحتاج للدعم.
"في تسجيل الفيديو فعلوا خيرا عندما بدا عليهم الاسترخاء. هذا يحدث عندما تشعر أن لديك دعما في الميدان".
ويقول فيليب نايتلي وهو مؤرخ متخصص في شؤون المخابرات إن حجم الفريق ليس اكثر من اللازم وأضاف "لا يمكن أن يكون هناك عدد كبير جدا من الناس على الأرض ابدا".
وربما لم يعلم الفريق الى اي فندق كان يتجه المبحوح مما تطلب منهم مراقبة عدة فنادق. ولم يستطيعوا التأكد من أنه لن يكون معه حراس وبالتالي كان لا بد من وجود رجال مستعدين لهذا.
وربما سافر بعض افراد الفريق الى دبي مسبقا للاستطلاع او فيما بعد لمتابعة كيفية تعامل الشرطة مع القضية.
وكان يجب متابعة المبحوح في دبي. وتتطلب المراقبة الاستعانة بعدد كبير فكلما زاد عدد من يراقبون الهدف كلما قل احتمال رصد الهدف لمراقبيه. ويقول اييرس "المراقبة على الأقدام" الطبيعية لهدف واحد تحتاج لخمسة اشخاص.
وقال هنري ويلكنسون من مؤسسة جانوسيان لاستشارات المخاطر "استخدام فريق كبير يلائم فكرة أنه تم التخطيط (للعملية) بحرفية".
وخارج منطقة الشرق الأوسط كان استخدام القتلة لجوازات سفر مزورة لمواطنين حقيقيين من بريطانيا وايرلندا واستراليا وفرنسا هو الذي سبب اغلبية الغضب.
ويشتبه بعض المحللين في أن حكومات هذه الدول ربما تأمر بخفض حجم التعاون المخابراتي مع اسرائيل لبضعة اشهر كنوع من الانتقام.
وربما لا تشعر اسرائيل بقلق كبير من هذه الخطوة. لكن من المرجح أن توقف استخدام جوازات السفر من هذه الدول لبضع سنوات لتهدئة المخاوف.
وفي حين أن الحكومات ربما تبدي ذعرا على الملأ من استخدام جوازات سفر مزورة فإنها تعلم أن هذا التكتيك من حقائق الحياة في عالم الجاسوسية.